Terra santa journal of david roberts of the royal academy 

   صور في الكتاب المقدس

 

 ورد إسم صور ونَسَبُه صوري (59) مرة في الكتاب المقدس وذلك في كل من عهديه القديم و الجديد و توزعَ علي 29 سفراً من أسفاره وبيانها كالآتي :

 يشوع             9 : 29                                                      1

صموئيل الثاني      5 : 11 و 24 : 7                                           2

الملوك الأول        5 : 1 و 7 : 13 / 14 و 9 : 11 / 12                     5

أخبار الأيام الأول   14 : 1 و 22 : 4                                           2

أخبار الأيام الثاني   2 : 3 و 11 و 14                                           3

عزرا               3 : 7                                                        1

المزامير            45 : 12 و 83 : 7 و 87 : 4                              3

أشعياء              23 : 1 و 5 و 8 و 15 مرتان و 17                         6

أرميا               25 : 22 و 27 : 3 و 47 : 4                              3

حزقيال             26 : 2 و 3 و 4 و 7 و 15 و 27 : 2 و 3 مرتان و 8

                    و 32 و 28 : 2 و 12 و 29 : 18 مرتان                    14

                                                                                  

هوشع              9 : 13                                                      1

يوئيل               3 : 4                                                        1

عاموس            1 : 9 و 10                                                 2

زكريا              9 : 2 و 3                                                   2

متى                11 : 21 و 22 و 15 : 21                                 3

مرقش              3 : 8 و 7: 24 و 31                                       3

لوقا                6 : 17 و 10 : 13 و 14                                   3

أعمال الرسل       12 : 20 و 21 : 3 و 7                                     3


المجموع العام                                                                     59

   

   ويشمل ما ورد عن صور في الكتاب المقدس تاريخا يبلغ مداه 14 قرنا بِدءاً بسفر يشوع   و انتهاءا بسفر أعمال الرسل، وتعتمد الكثير من الكتب في نصوصها عن صور اعتمادا كاملا على نصوص الكتاب المقدس، وبها تكتمل الصورة التاريخية لهذه الحاضرة الفينيقية العريقة المقدس فهو يلقي الكثير من الضوء على الحالة الاقتصادية الثقافية و الحضارية والعسكرية لهذه المدينة وذلك في عصور وحقب مختلفة. لقد ورد اسم صور في العهد القديم بشكله العبراني بمعنى الصخرة وتلفظ تيروس في شكلها اليوناني. أما في الترجمة السبعينية في سفر هوشع 3:9 نجد صور بمعنى الفريسة. ويرد أول ذكر لصور في العهد القديم  "التوراة " في سفر يشوع 29:19 في سياق الكلام عن تُخُمْ سبط أشير حيث جاء " ورجع التخم إلى الرامة وإلى المدينة المحصنة صور ثم رجع التخم إلى حوصة و كانت مخارجه عند البحر في كورة أكزيب"  وفي هذه الإشارة الأولى تبرز صور مدينة حصينة ذات أسوار عالية وذلك في القرن الثالث عشر ق.م. وورد الوصف ذاته لمدينة صور في صموئيل الثاني 24: 6و7 في سياق الحديث عن بعثةٍ لإحصاء الشعب في أواخر أيام الملك داوود حيث جاء:" وأتوا إلى جلعاد وإلى أرض الحثيين في قادش ثم أتوا إلى دان ياعن وما حولها نحو صيدون ثم أتوا إلى حصن صور وجميع مدن الحُوِيين والكنعانيين ثم ذهبوا إلى نقب يهوذا، إلى بئر سبع." وهذا الوصف لمدينة صور يرجع إلى القرن العاشر ق.م. وتبقى صور مدينة حصينة بشهادة التوراة حتى القرن الرابع ق.م. كما جاء في سفر زكريا 9: 3 "وقد بَنَتْ صور حصنا لنفسها." أما من جهة نشأتها وتأسيسها فيذكر المؤرخ اليوناني هيرودوت أنه كان في القرن الثامن والعشرين ق. م. كما وإن رسائل تل العمارنة والتي يرجع تاريخها إلى القرن الرابع عشر ق.م. لتبرز صور مدينة شهيرة مرهوبة الجانب. ويفيض الحديث التوراتي عن صور في القرن العاشر ق.م. و يعود ذلك للصداقة التي كانت قائمة بين حيرام الأول ملك صور الشهير وهو معاصر لداوود و سليمان و قد مَلِكَ من 980 ق.م. إلى 935 ق.م. وكانت أول صورة لصور في تلك الحقبة أنها مدينة غنية مزدحمة برجال الصناعة و الفنون وبعد وقت قصير من تسلم داوود عرش إسرائيل أرسل حيرام الأول ملك صور رسلا إلى داوود و أخشاب أرز ونجارين ونحاتين للأسوار فبنوا بيت داوود (صموئيل الثاني 5 : 11 ) كما نقرأ  في  (سفر الأخبار الأول 14 : 1) " وأرسل حيرام ملك صور رسلا إلى داوود و أخشاب أرز و بنائين ونجارين ليبنوا له بيت."     و نقرأ أيضا في (سفر الملوك الأول 5: 16/20 ) " وأرسل سليمان إلى الملك حيرام الأول يقول وقد علمت أن داوود أبي لم يقدر أن يبني بيتا لاسم الرب إلهه بسبب الحروب التي أحاطت به حتى جعل الرب أعدائه تحت أخامص قدميه. والآن فقد أراحني الرب إلهي من كل الجهات فليس من خصم ولا حادثة شر وقد نويت أن أبني بيت لاسم الرب إلهي كما كلم الرب داوود أبي قائلا: إن ابنك الذي أقيمه مكانك على عرشك هو يبني بيتا لاسمي والآن فمر بأن يقطع لي أرزا من لبنان و خُدامي يكونون مع خدامك وأجْرَة خدامك أؤديها إليك بحسب كل ما ترسم لأنك تعلم أن ليس فينا من يعرف بقطع الشجر مثل الصيدونيين. والجدير بالذكر هنا أن حيرام الأول كان ملكا على صور و صيدا وأن لفظة الصيدونيين كانت تعني بوقتها الفينيقيين عامة. والملاحظ مما تقدم أن إسرائيل حتى القرن العاشر ق.م. لم تزل في طور بدائي فيما يتعلق بفن البناء بينما صور كانت تحتل ذروة الرقي و الحضارة البنائية. وقد بقيت العلاقة الطيبة سائدة بين الملك حيرام الأول وبين داوود طوال حكمه ونرى هذا في (سفر الملوك الأول 5  : 1) " وكان حيرام صديقا محبا لداوود ." وقد استفاد سليمان بخبرات صور الصناعية و الفنية لإقامة مشاريعه فبعد موت داوود استمرت مساعدات صور الصناعية والفنية. هذا وقد استجاب الملك حيرام الأول ملك صور لطلب سليمان (سفر أخبار الأيام الثاني 2: 12) " والآن فقد أرسلت رجلا ماهرا صاحب فَهْمٍ اسمه حيرام أبي و هو ابن امرأة من بنات دان وأبوه رجل من صور عالم في عمل الذهب والفضة والنحاس والحديد والحجر والخشب والأرجوان والبورفير البنفسجي والكتان الناعم والقرمز وصناعة كل نقش ومخترع كل مشروع يعرض عليه مع صُناعِكم وصُناع أبيك" ونقرأ في (سفر الملوك الأول 7 :13) وأرسل الملك سليمان فأتى بحيرام أبي من صور وهو ابن أرملة من سبط نفتالي وأبوه رجل من صور صانع نحاس وكان ممتلئا حكمة وفهما ومعرفة في عمل كل صنع من النحاس فأتى إلى الملك سليمان وعمل كل عمله." ( لاحظ الاختلاف بين دان ونفتا لي).

 وتكشف التوراة مهارة الصناعة الصورية و روعة فنونها وتفصيل كل أشغال حيرام أبي إن في القصور الملكية أو في هيكل سليمان من نقش وزخرفة وقد ذُكر هذا واضحا وبالتفصيل في ) سفر الملوك الأول فصل 6و7( و)سفر أخبار الأيام الثاني فصل 3و4). وكان من الطبيعي أن يقتبس حيرام أبي النماذج الفينيقية في تأثيث هيكل الرب و تزيينه كما أنه من الملاحظ أن الكثير من الترتيب الموسوي قد تم تغييره بل أيضا أضيف عليه بحيث لم يعد نظامه كنظام خيمة الاجتماع. ومن هذه التطورات والتغيرات في الهيكل الجديد تواجد العمودان Y & B فهذان العمودان لم يكونا ضمن ترتيب خيمة الاجتماع و البحر القائم على 12 ثورا (سفر الملوك الأول 7: 23و25) والأحواض العشرة كل منها يحمل 45 بِثاً (لتر) على عشر قواعد ونقوش الأسود المجنحة والثيران و الكاروبيم والنخيل والزهور (سفر الملوك الأول 7: 29و36) وكل هذه قد استوحيت من المعابد الفينيقية وهياكل كنعان وما بين النهرين والأهم من هذا هو أن لفظة هيكل لا تمت بصلة من قريب أو من بعيد لليهودية وقد فبل اليهود باستعمالها بدلا عن خيمة الاجتماع.

أما أصل كلمة هيكل فهي لفظة سومرية "e-gallu" أي البيت العظيم وحورت عربيا فأصبحت هيكل.

ونتيجة للصداقة و المعاهدة المبرمة بين الملك حيرام و سليمان امتد نفوذ صور إلى سواحل البحر الأحمر و شرق أفريقيا و بلاد العرب فأصبحت عصيون جابر في خليج العقبة مصنعا لبناء السفن بمشاركة الصوريين ملوك هذه الصناعة لذا كانت تنطلق الرحلات التجارية من هناك (سفر الملوك الأول 9: 26/28) و(سفر أخبار أيام ثاني 8:17 و 18) " وبنى الملك سليمان أسطولا في عصيون جابر التي بجانب أيلة عند شاطئ بحر القصب في أرض أدوم فأرسل حيرام رجاله في السفن مع رجال سليمان وهم قوم ملاحون عارفون بأمور البحر فأتوا أوفير وأخذوا من هناك 420 قنطارا من الذهب و أحضروها إلى الملك سليمان. وتقع عصيون جابر بالقرب من العقبة أما أوفير فهي على الشاطئ الغربي من الجزيرة العربية وفي رواية أخرى على الشاطئ الصومالي. وكثيرا ما ذهبت سفن الملك حيرام إلى أوفير لتأتي بالكنوز و البضائع كخشب الصندل و الحجارة الكريمة ونقرأ في كتاب صور حاضرة فينيقيا ص35 لمعن عرب "هذه الأرباح التي تدفقت على سليمان لتحالفه مع الملك حيرام الأول في بعثاته التجارية كافية لتعطينا صورة عن مقادير الذهب التي كانت تصب في خزائن صور ملكة البحار الحقيقية والمؤرخون اليهود الذين يروون عن صداقة الملك حيرام لداوود و سليمان لا يَخْفون أن غنى سليمان و إزدهار عاصمته كانا نتيجة الصداقة و التحالف مع جيرانه الصوريين فقد جاء في (سفر أخبار الأيام الثاني 9: 27) "وجعل الملك الفضة في أورشليم مثل الحجارة " جعل الأرز مثل الجميز الذي في السهل كثرةً." ونقرأ في المزمور     ( 45: 12)عن فتاة صور "بنت صور أغنى الشعوب". وقد مكث صناعيو صور يعملون لحساب سليمان طوال فترة 20 سنة منها سبع سنوات لبناء الهيكل كما ورد في (سفر الملوك الأول 38:6) وأما بيت سليمان فأكمل بناءه في 13 سنة فبنى بيت غابة لبنان (سفر الملوك الأول 1:7/2) وكان به قاعة للحرس وممر يدخل فيه الملك وكانت متصلة بجناح الملك و صالة العرش.

هذا وقد صَمَتَت التوراة ثلاثة أرباع القرن قبل أن تعود فتُذَكِر مجددا بالعلاقة بين صور و جيرانها

في الجنوب ففي أواسط القرن التاسع ق.م. كانت مصاهرة، فقد اتخذ أخاب بن عِمري ملك إسرائيل إيزابل زوجة له (كلمة من جذر فينيقي ز ب ل ومعناه الأمير أو الرفيع" وقد يكون اسمها الفينيقي الأصلي يحمل في مضمونه توقيرا و تمجيدا للاله بعل حرّفه العبرانيون تعمدا فأسقطوا العين من إيزابعل لتصبح إيزابل وهي ابنة أثبعل ملك الصيدونيين زوجة لأخاب (سفر ملوك الأول 16: 29). وفي أيامه أعاد حيئيل الذي من بيت إيل بناء أريحا وقد كان أثبعل ملكا من عام 887 إلى 856 ق.م. ويعني اسمه الذي ذكر في التوراة مرة واحدة " رجل البعل أو البعل معه" وتجده أيضا في كتب التاريخ العربي إيتوبعل أو أتوبعل وقد عاش هذا الملك 68 عام و دام ملكه 32 سنة وهو باني مدينة بوتريس في فينيقيا ومدينة أوزا في ليبيا

وعن يوسوفيوس ( أثار اليهود الكتاب 8 الفصل 13 قسم 1و2). لقد تغلغل نفوذ صور و عبادة البعل في مملكة يهوذا الجنوبية وذلك عن طريق عثليا التي نقلت عبادة البعل إلى أورشليم كما فعلت أمها إيزابل في الشمال و نرى كيف تحكمت إبنة صور بمملكة إسرائيل الشمالية ثم حفيدتها التي تحكمت في أورشليم بعد ذلك.

وقد خلفت تلك الأحداث المؤلمة قطيعة اقتصادية وسياسية بين صور وإسرائيل مدة استمرت قرنين ونصف القرن قبل أن يعود التحالف من جديد لمواجهة خطر البابليين القادمين من الشرق فلم تبق العلاقات متينة كما أرادها عمري الذي أزْوَجَ ابنه أخاب لابنة أثبعل فبعد أن قضى ياهو بن نمشى على إيزابل وكل اتباعها الصوريين وكهنة بعل ملقرت بالإضافة إلى مقتل عثليا في أورشليم. ففي فترة التباعد بين صور وإسرائيل وبالتحديد في أواسط القرن الثامن ق.م. ساندت صور آدوم (جنوب شرق البحر الميت في بلاد موآب) وقيل إنها سلمت عددا كبيرا من أسرى اليهود إليها لذا يطلق النبي عاموس إنذاراً نبويا (سفر عاموس 1: 9و10) "هكذا قال الرب من أجل ذنوب صور الثلاثة و الأربعة لا أرجع عنه، لأنهم سلموا سبياً كاملا إلى أدوم ولم يذكر عهد الأخوة فأرسل ناراً على سورِ صور فتأكل قصورها." وتفسير عهد الأخوة هو إشارة إلى زواج أخاب من إيزابل ابنة صور وإلى العهد الذي أبرمه الملك حيرام الأول مع سليمان.(سفر الملوك أول 5: 12 ) " ومنح الرب سليمان الحكمة كما وعده، وعقد سليمان مع حيرام معاهدة سلام وصداقة." وقد كان ما ذكره عاموس هو ابتداء التغير حيال صور وها نحن نجد في أوائل القرن الثامن أو أواخر القرن السابع ق.م. والمطابق لبدء سلسلة الهجمات الآشورية على صور، تنبؤات بخراب صور كما هو وارد في( الفصل 23 من سفر أشعيا النبي) و بالرغم مما تفيض به هذه النبوة من دينونات فإنها تشع بأوصاف جميلة عن صور ولا أمجد فصّورها كالآتي :

1-ميناء و حصن لسفن ترشيش (السفن الضخمة)

2- تشتري و تبيع كل إنتاج أرض مصر.

3 - تتاجر مع كل الشعوب.

4- المفتخرة.

5- المدينة السحيقة في القدم.

6-تتوج الملوك(تنصبهم وتعزلهم ايضا)

7- توقر كل الناس تجارها.

8- حصن من حصون فينيقيا.

9- كانت قبرص (كتّيم) مستعمرة تابعة لصور يلجأ إليها أهل صور في ضيقهم.

 ولكن هذه الدينونة ليست نهائية بل أعطى الرب فرصة جديدة لصور للازدهار والبحبوحة فقد أفلتت من قبضة الآشوريين إلا أن السيادة قد انتقلت في منطقة صور من الآشوريين إلى البابليين عام 612 ق.م. فسيطرت بابل على سوريا، فينيقيا و فلسطين. إلا أن المصريين قدموا إلى هذه البلدان الثلاثة عام 609 ق.م. ورحلوا عام 605 ق.م. وفي العام 597 ق.م. قامت ثورة ضد بابل بتحريض من مصر و بقيادة صور ضمت صيدا وأورشليم وملوك موآب و أدوم (سفر أراميا 25: 22) " وجميع ملوك صور وجميع ملوك صيدون وملوك الجزر التي في عبر البحر." وأضاف إرميا من ضمن بلاغاته النبوية على الفلسطينيين سكان غزة تلميح لما سيلحق بهم من خراب    (سفر إرميا 47: 4) "بسبب اليوم الآتي لدمار جميع الفلسطينيين لاستئصال كل باق ينصرهم من صور و صيدون لأن الرب يدمر الفلسطينيين الآتيين من جزيرة كفتور( كريت). "وقد كان هذا الغزو بقيادة الملك نبوخذ نصّر البابلي.

بعد إرميا مباشرة تنبأ حزقيال وهو في بابـل وكان بين المسببين بأن الدينونة قادمة. غير أنه أفاض في التحدث عن صور وهو الذي بلغ الذروة في البلاغة وأروع ما كتب عن صور في كل العصور كان في ( سفر حزقيال الفصول 26و27و 28 ) وتطـال هذه الأحكام النبوية بني عمّون و موآب وسعير (النجد الجبلي الواقع في الجنوب من البحر الميت إلى الشرق و كثيرا ما تستعمل كلمة سعير بمعنى آدوم أوتيمان) آدوم والفلسطينيين وصيدون و مصر (سفر حزقيال2:2 و12 و1 و20:5و28 و2:29 ) و سبب هذه اللعنات هو أن هذه الشعوب مع كونها تشكل حلفا واحدا مع أورشليم تدعمه مصر و تشجعه صور وغايته الوقوف في وجه نبوخذ نصّر، فإنهم عندما سقطت أورشليم حليفتهم سنة 586 ق.م. شمتوا بها و أساءوا إليها (حزقيال 25: 3 و 8 و12 و15) إذ بخرابها مصلحة لهم (حزقيال 2:26 ) و تقسم أقوال سفر حزقيال ضد صور إلى أربعة أقسام:

1-           بلاغ ينبئ بمصير صور الأليم (1:26/21)

2-           مرثاة على صور (1:27/36)

3-           بلاغ ينبئ بمصير رئيس صور و موته (1:28/10 )

4-           مرثاة على رئيس صور (11:28/19 )

  و سنتبع قصة مدينة صور خطوة بخطوة وفق ما ورد في الكتاب المقدس ابتداءا من مصير صور (سفر حزقيال 26: 2/6) حيث يبدأ حزقيال بلاغه النبوي على صور بإعلان خراب المدينة والسبب في ذلك فرح صور بخراب أورشليم و يهدد حزقيال بزوال أبراج صور وأسوارها وهذه إشارة إلى أن صور كانت مدينة حصينة و منيعة (سفر يشوع 19: 29و صموئيل الثاني 24: 7) و هو على الأرجح بذكره لبنات صور، يعني المدن والقرى التابعة لصور والتي تعتبر مخازن زراعية هامة لها. ثم ينتقل حزقيال إلى موضوع ملك بابل الذي يحاصر صور ( سفر حزقيال 26: 7/14)  فيعلن بأن نبوخذ نصّر سيخرب صور و يسترسل في وصف أدوات الحصار وفرق العسكر و الأسلحة البابلية و الخراب الشامل الذي سيحل بالمدينة. وبحديثه عن المدينة يأتي على ذكر معالمها كالأنصاب التذكارية لعظماء صور والبنايات العالية والأولى في التاريخ البنائي والسبب في ذلك عدم وجود مساحات في الجزيرة داخل الأسوار. كما أتى على ذكر الحجارة والأخشاب لما في ذلك من إشارة لنوعية فن البناء. كما يتحدث حزقيال عن غنى صور وتجارتها الواسعة وحفلات الغناء والطرب التي كانت تقام فيها. ثم مرثاة رؤساء البحر على صور (حزقيال 26: 15/21) فيصف وقع خبر خراب صور على مجموع الجزائر ويعني مدن ساحل البحر الأبيض المتوسط    و جزره والمستعمرات الفينيقية فيه و كيف سينزل رؤساء البحر عن عروشهم ويخلعون ثيابهم المطرزة ويلبسون ثياب النوح ويتأوهون جالسين على الأرض وتعني كلمة رؤساء البحر فئة التجار الكبار وهم بمثابة أمراء في صور (سفر أشعيا 23: 8). ثم انتقل بعد ذلك إلى تشبيه صور بسفينة  (سفر حزقيال 27: 1/9). فهي سفينة أتقـن بناؤوها تشييدها وتزيينها فغدت آية في الجـمال إلى أن ينتهي بعد وصف البضائع و التجارة إلى انكسارها و غرقها وعويل الأمـم ونوحهم عليها. وفي

الفقرة من 1 إلى 9 يفصِّل حزقيال أقسام السفينة صور وعمالها وملاحيها وتجارتها ومن أين هم:

الألواح : من خشب السرو النابت في سنير أي جبل حرمون المعروف بجبل الشيخ.

السواري : من أرز لبنان السلسلة الغربية .

المجاذيف : من بلوط باشان وهي الأرض الواقعة شرقي بحيرة طبرية.

المقاعد : من خشب البقس وهو نوع من الشربين المطعم بالعاج، من كتّيم (جنوب جزيرة قبرص).

الشراع والراية : كتان مطرز من مصر.

الغطاء : أو المظلة قماش أزرق أسمانجوني وأرجوان أحمر من جزر اليشة وهي بالبحر المتوسط .

الملاحون : من صيدا و جزيرة ارواد أي أن بحارتها كانوا فينيقيين ملوك البحار بلا منازع.

الربابين : شيوخ جبيل و حكماؤها.

 القلاّفون : (و هم الذين يسدون حزوز السفينة بالقار و الزفت لمنع تسرب الماء )

وقد ذكر في (سفر حزقيال 27: 10و11) وجود مرتزقة مجندين في جيش صور وهؤلاء المرتزقة من أربعة بلدان وهي فارس ولود أي القسم الغربي من تركيا و فوط أي ليبيا وجزيرة إرواد وقد عدد حزقيال أسماء البلاد و الممالك و الشعوب و المدن التي تاجرت مع صور وهذه لائحة بها :

1-           ترشيش وهي على الأرجح ترتيسوس على ساحل أسبانيا الشرقي.

2-           ياوان وهي اليونان.

 3-  توبال وهي في وسط تركيا بين البحرين الأسود و قزوين .

 4-  ماشك وهي تجاور توبال.

 5- بيت توجرمة وهي بلاد أرمينيا .

6 - ددان وفي رواية أخرى رودان وهي جزيرة رودس.

7 - أرام وهي سوريا.

8- يهوذا وهي مملكة إسرائيل الجنوبية.

9- إسرائيل وهي المملكة الشمالية.

10- مَنّيت مدينة تقع قرب عمان بشرق الأردن.

11- دمشق. 

12- حلبون شمال غرب دمشق (مازالت لليوم ).   

13- دان وذكرت مع ياوان (اليونان) وقد يكون المقصود مدينة بجوار مدينة بانياس بجنوب سوريا. 

14- ددان بجوار تابوك شمال غرب الجزيرة العربية قرب البحر الأحمر.

15- العرب وهم سكان الجزيرة العربية و التجويف الصحراوي.

16- قيدار وهي شمال غرب الجزيرة العربية عند النبك.

17- شبا أو سبأ ببلاد اليمن.

18- رعمة وهي شمال غرب الجزيرة العربية بين مدينتي ددان وقيدار.

19- حرّان شمال شرق مدينة حلب وتقع اليوم ضمن تركيا.

20- كنّة في الجزيرة العربية أو ربما كلنة وهي مدينة قرب حرّان.

21- عدن وهي على الأرجح بيت عدن الواردة في السجلات الآشورية ووردت في (سفر عاموس

     1: 5) وهي تقع في شمال بلاد بين النهرين. 

22- اشّور وهي جنوب نينوى في شمال العراق.

23- كلمد مدينة تقع بين النهرين في العراق.

أما لائحة البضائع و السلع التي كانت صور تتاجر بها فنجدها من الآية 12 إلى 24 وهي كالآتي:

1-الفضة 2- الحديد 3- القصدير 4- الرصاص 5- الرقيق (الجواري و الأسرى)6- أواني النحاس 7- الخيل.8- فرسان محاربون مرتزقة 9- بغال 10-قرون العاج 11-الأبنوس 12- بهرمان 13- أرجوان 14- المُطرز 15- البوص 16- المرجان و اللؤلؤ 17- الياقوت 18- حنطة 19- حلاوي 20- عسل 21- زيت 22- بِلسان وهي مادة صمغية عطرة تطيب الجروح. 23- خمور 24- صوف أبيض 25- غزل 26- حديد مشغول 27-سليخة وهي نوع من الطيب. 28- قصب الذريرة وهو قصب السكر أو يقصد به أيضا عود طيب الرائحة29- طنافس وهي بسط و حصائر ونمارق أي وسائد 30- خرفان 31- كباش و تيوس 32- أعتدة 33- أنواع طيب 34- الحجارة الكريمة 35- الذهب 36- الأنسجة الفاخرة 37- أردية أسمانجونية مطرزة ومرصعة. 38- أصونة. ثم انتقل حزقيال بعد الوصف الرائع لمدينة صور و تجارتها العظيمة التي فاقت كل حد ووصلت إلى كل بلد يبدأ حزقيال مرثاته على صور بغرق صور السفينة وواصفا اللوعة والأسى والحزن العميق الذي سيلحق بأصدقاء صور والذين تاجروا معها (سفر حزقيال 27: 25/36). وكان لوصف غرقها تفسير بأن الريح الشرقية (مزمور 48: 7) هي كناية عن جيوش نبوخذ نصّر الآتية من الشرق. ويتابع وصفه مبينا تعالي صراخ ربابنتها ورثاء ملاحي السفن      والممالك الأخرى و كيف يحلقون رؤوسهم و يلبسون المسوح وينتحبون. وكان لسقوط صور من صدى عالمي يوازي ذيوع شهرتها. ثم يردف متحدثا في (سفر حزقيال 28: 1/10) عن أن الكبرياء و الغطرسة سبب سقوط صور ويقدم سببين لسقوطها:

الأول : الكبرياء التي ملأت قلب صور لتحصيلها المال والثروة .

الثاني : تأليه الذات .

واستطرد في مرثاته على ملك صور وعلى مصير صور النهائي و المطروحة أرضا والمحترقة بالنار، مضيفا لما ذكر سابقا الظلم في التجارة وروح الاستغلال. وتنتهي بذكر عشرة أسماء من الحجارة الكريمة تتم صياغتها فيها. وبعد أن سقطت أورشليم في يد نبوخذ نصّر البابلي عام 586 ق.م. تفرغ بعدها للقيام بحملة قوية على صور فوصلت جيوشه إليها واستولت على البر الصوري ولكن إخضاع المدينة البحرية لم يكن بالسهولة التي تصورها نبوخذ نصّر. ولما طال الوقت اضطّر للعودة إلى عاصمة ملكه بابل وأبقى جيوشه لمتابعة الحصار الذي دام 13 عاما (586-573 ق.م.) ولم يتمكن نبوخذ نصّر من فتح المدينة أو دخولها، ولطول مدة الحصار وشل الحركة اضطرت صور إلى أن ترسل ولي العرش الصوري إلى بابل وتم الاتفاق على أن تعترف صور بسلطة بابل وأن تدفع الجزية. ثم انتقل بجيوشه إلى مصر والتي بدورها ستكون أجرة لجيش بابل الذي ما غنم شيئا من حصاره لصور لأن صور نجت من يد البابليين كما نجت قبلا من بد الآشوريين، غير أن نبوات حزقيال ستلاحقها ويتم سقوط صور على يد الإسكندر المقدوني ذو القرنين عام 332 ق.م. و تمر السنين وتقدر بقرن وربع أو يزيد على سقوط أورشليم بيد نبوخذ نصّر الذي سبى اليهود إلى بابل وعلى تراجع جيوش البابليين عن صور قبل أن تعود أسفار التوراة فتتحدث من جديد عن الصوريين الذي أقامت جالية منهم في أورشليم زمن نحميا، الذي أعاد بناء أسوار مدينة أورشليم بدءاً بالعام 445 ق.م. فقد جاء في (سفر نحميا 13: 16) الصوريون الساكنون بها كانوا يأتون بسمك وكل بضاعة و يبيعون في السبت لبني يهوذا.وكان الصوريون قد بنوا هيكل سليمان في القرن العاشر ق.م. و يعيد التاريخ نفسه في القرن الخامس ق.م. فعندما رجع عزرا إلى أورشليم مع عدد كبير من المسبيين اليهود من بابل واستعدوا لبناء الهيكل ونجد في(سفر عزرا 3: 7) " وأعطوا فضة للنحاتين والنجارين وطعاما وشرابا وزيتا للصيدونيين والصوريين ليأتوا بخشب الأرز من لبنان إلى بحر يافا بموجب إذن قورش ملك فارس لهم " وتعود أسفار التوراة في أواسط القرن الرابع ق.م. لتتحدث من جديد عن كارثة قادمة على صور كما جاء في (سفر يوئيل3: 4/7 ) (وسفر زكريا 9: 2/4 ) و التي تنبأت بالمصير الأليم لصور وذلك عندما حاصرها ودمرها الاسكندر المقدوني عام 332 ق.م. وفي نهاية الكلام عن صور في العهد القديم يحسن الختام بما جاء بالمزمور 4:87 و5 حيث يقول المرنم: "أذكر رهب(مصر) وبابل لمعارفي، هوذا فلسطين    و صور مع كوش ( الحبشة ) فيها وُلِدَ فلان أما صهيون أي الأرض الخصبة التي تتبنى الوثنيين    و تعني الكنيسة فيقال فيها: كل إنسان ولد فيها " وبذلك يكون قد إنقطع الحديث عن صور وتصمت التوراة عند هذا الحد إلى أن يعود ذكر صور مجددا مع بزوغ نورالسيد المسيح وإطلالته على كل الكون قاطبة.                                   

                                                   الأستاذ الأعظم لمحفل بيت إيل الأكبر الأخ جميل نجّار

المراجع:

الكتاب المقدس

صور حاضرة فينيقيا لمعن عرب

أثار اليهود ليوسوفيوس