إيــــل

     للكثير من شعوب العالم طقوس خاصة بها، وهذا ينطبق  بالتأكيد على الشرق الأوسط ونخص بالذكر فينيقيا. يذكر التاريخ والمؤرخون أن الشعب الفينيقي كان مؤمنا بوجود القدرة الإلهية العليا الواحدة، وكان إيل على رأس هذه القدرة وعلى رأس المجمع الإلهي.

     إيل إله سامي مشترك يرد إسمه جميع الآداب السامية القديمة. لإيل ألقاب عدة منها     " إ ل د ف إ د "= إله الرحمة ولفظة "ف إ د" وتعني الفؤاد بالعربية و القلب يرمز إلى الرحمة و الحنان ومن ألقابه ا" أ ب ش ن م" أي الملك أبو السنين وهي تعني أيضا الأب الأبدي وقد يكون معناها أيضا الأب العالي. ومن ألقابه " ل ط ف ن " أي إله اللطف والإيناس وينعت     "ث ر إ ل" = ثور إيل وتعنى كلمة ثور وبمنطق ذلك العصر القوة و الإخصاب ومن الملاحظ أن الأقدمين كانوا يشبهون الألهة برسم جسم ثور ورأس إنسان ونجد هذا عند البابليين والأشوريين وناهيك عن ابي الهول الفرعوني ونجد في مخطوطات أوغاريت تمجيدا لخمر لبنان يعادل ما ذكره يوشع في شهرتها فنقرأ"خمر من بلد غلة،خمر من إشتريت من أعالي قمم لبنان، الطل نداه وإيل حرثه...يتدفق من رئة لبنان".

     إيل و صحيح كتابـتـها "إل" و هو اله الكون، الخالق، بل خالق الخلق، مانح الخصب للبشر  وكما يقول " تور" هو فوق كل وصف فوق كل تسمية لا بداية له و لا نهاية، معروف عنه الحكمة والرصانة والصبر والحلم والأناة والمغفرة ورباطة الجأش والقوة والجمال و الشفقة عالمي الوجود، يعتبر كريت كرسي ملكه، و مصر أرض ميراثه وجبل لبنان  حماه ومع أن "موت"هو الاه الجحيم والجفاف ومسكنه الصحاري فاننا نجد في ملاحم أوغاريت أنه "حبيب إيل"، ويسمى أيضا إيل عليون. وقد أنزله الشعب الفينيقي منزلة عليا فهو اله ممجد وهوالأكبر على رأس مجمع الآله و منه إنحدرت أسماء الملائكة و الأنبياء وهي كثيرة جدا ولا مجال لذكرها الآن. وأن ما سمي في العصور الغابرة بالآلهة فما هي سوى قدرات فوقية ذات مقام عال تَأتمر بأمر أيل. ولقد كان تأثير إيل على كتاب التوراة تأثيرا عظيما حتى دعيت لدى العبرانيين بالمدرسة الإلوهية. وقد أوتى على ذكره 57 مرة في الكاب المقدس. إن إيل هو رمز الخلود، رمز الشمولية، رمز النور، رمز القدرة، رمز المحبة، ورمز العطاء. هذا هو إيل الفينيقي. ولزاما علينا نحن الأن أن نعيد تجميع ما حطم وما بعثر من وريقات التاريخ لأن إيل هو النورالذي يفيض نعما ويضيء طريق الحق والمحبة فينشر السلام والأخوة والأخاء. الرجوع إلى إيل وفق المتولوجيا الفينيقية الخالق للجميع، الجامع الوحيد هو وحده السبيل لجمع الشمل وقتل الصراعات إذ هو السبيل الأوحد إلى الخلاص والتسامح. إن عظمى الجرائم هي التي إرتكبها المؤرخون الذين تعاطوا بالتأريخ اذ لم يأتوا على ذكر خط الفكر الفينيقي. صحيح أن المميزون المستنيرون يسعون وراء الحقائق المجرّدة، فهل يجوز شطب الحضارة الفينيقية من ذاكرة التاريخ، ولكي نغوص أكثر و أكثر في الميتة الفينيقية علينا أن نعود الي ما ورد عن فيلو الجبيلي في وصفه لإيل، له اربعة أعين إثنتان على كل جهة من رأسه وعندما يغلق إثنتان أثناء نومه تبقى الأخرتان منفتحتان وذلك لكي يرى كل شيئ أثناء نومه. وقد وجدت على مسكوكة في جبيل يعود تاريخها إلى 100 سنة ق.م. أن إيل يعتلى رأسه تاج وله6 أجنحة 4 منفتحة إلى أسفل وجناحان منطويان إلى أعلى.ومن المعروف أن إيـل كان معبودا في جبيل  و قرطاجة ويقـابله كرونس عند الإغريق و ساتورن عند الرومان.

ولملاقاته يتوجب السير مسافة بعيدة "ع م. إل. م ب ك. ن ه م. ق رب.أ ف ق. ت ه م ت م.""

ويعني " إلى عند إيل عند نبع النهرين قرب أفقا حيث مجرى النهرين"ومن المعروف عنه أن له سبعون ولدا أمهم "أشيرة" كما له زوجات أخر. ولا يجب علينا أن نلتبس بينها وبين "عشتروت" وهما مختلفتان واسمها في النصوص "أ ث ر ت" = أشيرة و اسمها مشتق من جذر " أ ث ر"   و يفيد الخطو المتئد ويبدو أنها كانت جنية تمشي على وجه اليم وطرفها الأسفل جسم سمكة أما طرفها الأعلى ففتاة بارعة الجمال. ومن هنا كانت من ألقابها "أ ث ر ت ي م " وتعني أشيرة البحر و أيضا "ر ب ت" أي الربة. وقد عبدت في أماكن متعددة من الشرق الأدنى.ففي بابل كانت تعرف "أشرتم" وقد عبدت في بلاد الأموريين وفي جنوب بلاد العرب كانت أثيرة زوجة القمر " سن " أو" يرخ " أما في بلاد شمال الجزيرة العربية فنجد ثالوثا يتألف من 3:سام، شنجلة، وأشيرة. أما في أسفار التوراة فقد ورد إسمها39 مرة وكان يأكل على مائدة الملكة إيزابيل زوجة الملك أخاب 400 من كهنة أشيرة في تلك الحقبة، و كان لأشيرة طقوس وتماثيل في الهيكل. وفي أسطورة كارت نجدها الآهة صيدا وصور وفي معبدها نذر كارت نذرا لم يفه فانتقمت منه بأن أنزلت عليه مرضا.وفي التوراة لها عدة أسماء منها أشيرة و أشيرات وكان يرمز لها بعمود والتي جاءت منها كلمة سارية وجمعها سواري.   

المراجع:

ملاحم وأساطير من أوغاريت 

 للأستاذ أنيس فريحة