Text Box:  بـيتــاغــور
       ولد بيتاغور سنة 540-480 ق.م. صيداوي المولد، هو ابن برت عينا الفينيقية، "برتنيس" باليونانية شهد على 
       صحة مولده كل من أرسطو وسترابون وبورفير الصوري وجمبليك العنجري الفينيقي وكليمان السكندري. سكن جزيرة ساموس، عُمد وفق الطقس الفينيقي في مياه نهر أدون المتدفق من مغارة أفقا، وفاءا لنذر اتخذه والداه، تنفيذا لعادات الجدود الفينيقيين، ولدى عودته إلى ساموس أقام مدرسته الفلسفية الروحية الصوفية والتي كان له كل الأثر في تفكير أفلاطون والأفلاطونيين المحدثين. والجدير بالذكر أنه  وفي القرن الرابع الهجري قد تأثر بفلسفته ونظرياته إخوان الصفا. ولقد مجدته جزيرة ساموس ومنحته لقب مواطن. والمعروف أنه اعتزل في جبال الكرمل لفترة تأملية ونقل لنا أخباره جمبليك العنجري الفينيقي. وتعرّف في مصر على كهنة ممفيس، وحصل منهم في هيكل "رع" على المزيد من أسرار الآلهة حيث اضطلع على أسرار العدد والأرقام التي كانت في أساس بناء الأهرامات. وقد اقتيد أسيرا من مصر إلى بابل أيام غزو " قمبيز" حيث مكث فيها زهاء عشرة أعوام أطلق سراحه إثر مداخلات عديدة من قبل أحد أصحابه الذي كان طبيب للملك. وعاد بيتاغور إلى ساموس واستقر نهائيا في "كريتون" ومن أشهر مخطوطاته "هريوس لوجوس" حيث يذكر أن التطور قاعدة الحياة والعدد قاعدة الكون والوحدة قاعدة الخالق فالواحد رمز الحياة والوجود، البداية والجوهر ورمز الإله وهو أساس كافة الأرقام. والاثنان رمز التكوين العلة والمعلول، المذكر والمؤنث، الرجل والمرأة علتا الوجود، والرقم ثلاثة عدد كامل ومقدس، وترمز هذه الأرقام إلى عملية التطهير النفسي التي خضع لها بيتاغور ثلاث مرات ولمدة تسعة أيام في كل مرة حتى بلغ بعد سبعة وعشرين مرحلة نقاوة نفسية صافية، وكمالا روحيا متساميا. لقد حور بيتاغور فكرة النفس الخالدة والجسد الفاني، إذ رأى في اتخاذ النفس جسدا قصاصا لها ومطهرا، فتعود من جديد مرات ومرات وتتخذ جسدا جديدا حتى تتطهر كليا من شرورها لتصبح في النهاية شفافة نقية طاهرة مقدسة لتتحد بالنفس الكبرى النقية "المايا". لعلها فكرة التقمص. والأربعة وهو رقم تكاملي يمثل العناصر ويرمز إلى الأرض والماء والهواء والنار، أما رقم خامسة فيمثل نجمة بيتاغور الخماسية الشهيرة والمعروفة بنجمة المجوس وهو رقم نوراني، ورقم ستة يرمز للجسم، والسبعة رقم الحكمة والفكر الفاعل، ورقم ثمانية هو رقم الطب والصحة الرامز إلى أشمون ثامن أولاد إيل، أما رقم تسعة فهو رقم مقدس عند بيتاغور إنه رقم سماوي: آب وابن وروح، كذلك إنساني: جسد ونفس وعقل، وأرضي: نار وماء وهواء. كان لبيتاغور أتباع كثيرون يمرون في مراحل ثلاث الأولى للخارجين والثانية للمستمعين الذين يمرون في تجارب قاسية ولا يحق لهم المناقشة بل الاستماع والإصغاء منعا لمضيعة الوقت ولاستيعاب المعرفة أما الدرجة الثالثة فيحصل عليها النخبة التي لم يتجاوز عددها الثمانية والعشرين. إن بيتاغور هو مؤسس أرقى مدرسة فكرية ومفلسف الأرقام، إنه متعدد المواهب كثير العطاء وعب جمبليك قد أعطي مغني مغاير للذبائح فرفض الذبائح الدموية و استعاض عنها بالبخور والعسل والتراتيل أليس لبيتا غور تأثير على أفلاطون في كتابه الجمهورية الفاضلة وعلى الفارابي في كتابه الفضيلة وعلى القديس أوغسطينوس في كتابه مدينة الله. وقد مات بيتاغور حرقا في معبد الحوريات عن عمر يناهز التسعين عاما.
قراءاتText Box: ســـيرة بيـتـاغور

المعلِّم الإنساني الأول
ما وصلنا عنه كان من تلاميذه الذين انتسبوا إلى مدرسته مثل جمبليك الفينيقي العنجري وتناقلوا عن حياته 
و تعاليمه الكثير وما وصلنا عنه كان عظيما وكل ما عـف عن حياة "المعلِّم" كان شبيه الأسطورة بل حلم
وقيل إنه ولد من أب فاضل كان يعـل في نحت الحجـارة الكريمة يدعى بيثارخوس ومن أم فاضلة تدعى
بارثينيس (العذراء) وبالفينيقية ( برت عينا). كان والـداه من نَسَب عريـق وأسماه والده "بيتاغور" وتعني
(حامل البشارة) وتنبأت له كاهنة دلفي بمستقبل باهر لصالح البشر عاش طفولته الأولى مع أهله في مدينة
صور(لبنان) حيث لجأت العائلة لتحمي وليدها من تلك الفوضى التي كانت تعمُّ آنذاك أرض اليونان.
تلقى العلوم الأولى، بعد أن عاد أهله إلى ساموس، على يد هيرموداموس الذي لقَّنه الإلياذة والأوديسة، ثم
تتلمذ على يد فيرسيذيس السير وسي الذي حدّثه عن الروح وخلـودها ولقَّنـه تقاليد الأورفـية وعلى يد 
أناكسامنذرسالذي لقنه أسس الرياضيات ثم طاليس الذي عمَّق تعليمـه للرياضيات ولقَّنـه مبادئ العلوم
 الباطنية مما دفعه للبحث عن المزيد من المعرفة و كانت مصـر في ذاك الزمان مركز المعرفة، وانتقل 
إليها مريدنا عن طريق فينيقيا. وفي مصر بقي بتاغور اثنين وعشرين عاماً تلقّى خلالها المعارف على يد
كهنتها و ارتقى في معابدها إلى أعالي سلالم الأسرار وقد نقش معلِّموه الذين أضحوا تلاميـذه على ساقه
رسم "الغصن الذهبي" لأوزيريس فعرف بلقب بتاغور الذهبي الساق Pythagoras Chrysomeros. 
وأثناء تواجد بيتاغور في مصـر غزاها قمبيز وكان أن نفى قمبيز لكهنة مصر ومعهم بيتاغور إلى بـابل
وأمضي هناك اثني عشر عاماً تفتَّحت فيها أمامه آفاق معرفة جديدة فتعرَّف إلى كهنتها واطَّلع منهم على ما 
يملَّكوه من علوم سرية والتقى ،على حدّ ما نقل عن فرفوريوس، بزاراتاس الذي يرى فيه بعضهم زرادشت 
ومن بـابـل عاد يتاغور إلى ساموس ليباشرً رسالته على أرض آبائه وأجداده ولكن دعـوته لم تلق هناك 
آذانا صاغية فلم يطـل الإقامة فيها و غادرها إلى كروتون. وكان لخطاب بيتاغور الأول في ملعب المدينة 
موجها إلى شبابها حدَّثهم فيه عن التقوى وعن حب الوالدين وعن الصداقة الإنسانية الصرفة وهذا ما جاء
في " أبياته الذهبية " فسَحَر بتعاليمه ألباب شباب المدينة الذين أصبـحوا بغالبـيتهم من مناصريه مما أثار
تعجب و ارتياب آبائهم من شيوخ المدينة وحكّامها الذين دعوه للمثول أمامهم للمحاورة. وكان أن مثل أمام 
مجلس الألف أو"مجلس شيـوخ" المدينة فحدَّثهم عن ضرورة ارتباط السـلطة الحقَّة و بالاعتدال والمحبَّة 
و الفضيلة كما قال في " أبياته الذهبيّة " فالآبـاء يجب أن يكـونوا مثـلا وقدوة لأبنائهم والسـلطة الحقة 
– سلطة الآباء – يجب أن تمتاز برويَّتها وأن تكون نخبوية حقاً أو الأرستقراطية الحقيقية حسـب بتاغور 
هي نخبة الفكر والأخلاق وكل ما عداها هراء ويسحر المعلِّم الآباء هذه المرة، كما سحر أبناءهم فيتخلُّون 
حياة الفسق التي يحيونها لصالح الخير العام والعدالة ويصبحون كأبنائهم، من أنصاره ويقررون فورا بناء
مدرسة له في مدينتهم وأخيراً، حتى يستكمل المعلِّم عن طريق الكلمـةغزوه للمدينة كان لقاؤه مع نسائها
اللواتي جئن ليشكرونه لإعادة أبنائهن وأزواجهن إلى الصراط المستقيم، فحاز أيضاً على قلوبهن.   
  المصدر أكرم أنطاكي : http://maaber.50megs.co    
Text Box:  بـيتــاغــور
Text Box: ســـيرة بيـتـاغور